أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمـــات، بالضغط هنا.كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
على ظهر هذا الكوكب بشر؛ قرابة مليار منهم؛ ما إن يغرف الواحد منهم غرفة من ماء ليرتشفها؛ حتى تعود به الذاكرة إلى مئات من الأعوام خلت لترتسم في هنه صورة ذلك الثائر المضحي الشهيد الذي قتل ظمآنا، فيتمتم قائلا : " السلام عليك يا أبا عبدالله الحسين".. وأينما نظر المرء منا إلى الماء فإنه يجد الحسين وعطشه فيه، فتراه يحدث نفسه بأن هذا الماء قد حرم منه سيد الشهداء وأهل بيته وأنصاره صلوات الله عليهم، وقد قتلوا جميعا عطاشى وألسنتهم تلتهب من شدة الظمأ فيستذكر ما جرى وما وقع في تلك الفاجعة العظيمة، وتختلج في صدره الأحزان.. وهكذا ظل الماء والحسين (عليه الصلاة والسلام) متلازمين في عالم المعاني، والحق أن هذا الارتباط قد أوجده الله تعالى بحكمته، فقرن بين قضية الحسين (عليه السلام) وعنصر الحياة وجعل بينهما علاقة أزلية لتدوم القضية بدوام الماء الذي لابد لكل كائن حي منه حتى يعيش، فإذا عاش احتاج إلى الماء، وإذا احتاج إلى الماء تذكر الحسين، وإذا تذكر الحسين تجددت رسالته في نفسه، فيبقى الإسلام وتبقى الولاية على مر الزمان. وإذا كان الماء سر الحياة المادية، فإن الحسين (عليه الصلاة والسلام) سر الحياة المعنوية الحرة الكريمة الأبية. وما ظل في الدنيا ماء فسيبقى الحسين حيا في الضمائر والقلوب، وحتى إن نضب وحل الجفاف فإن جميع أهل الأرض سيتذكرون عطش الحسين وحرمانه منه. أجل.. قد جعل الله (عزوجل) من الماء كل شيء حي، وجعل من الحسين (عليه الصلاة والسلام) كل مؤمن حر.و ثمة علاقة فطرية أخرى ليست معنوية فحسب بل تكوينية أيضا، وهي العلاقة التي تربط بين الحسين (عليه الصلاة والسلام) وبين دمعة الإنسان، أيا كانت عقيدته وأيا كان انتماؤه، فإن لسيد الشهداء تأثيرا على عيون الناس ودموعهم التي تتقاطر تلقائيا ولا إراديا في كثير من الأحيان، عند ذكر قصة استشهاده ومقتله، فتجد حتى غير المعتقدين بولايته كالنواصب والكفار والملحدين يتأثرون ويكون، بل إن الدموع قد نزلت من عيون قاتليه كيزيد وعمر بن سعد (عليهما اللعنة) ولم يكن ذلك عن قصد واختيار منهم بل عن تأثير تكيوني ودافع فطري لأن للحسين (صلوات الله عليه) علاقة حميمة بالدموع والعبرات. فعن سعد بن عبد الله قال: سألت القائم (عليه السلام) عن تأويل كهيعص قال (عليه السلام): هذه الحروف من أنباء الغيب أطلع الله عليها عبده زكريا ثم قصهاعلى محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وذلك أن زكريا سأل الله ربه ان يعلمه أسماء الخمسة، فأهبط عليه جبرئيل (عليه السلام) فعلمه إياها، فكان زكريا إذا ذكر محمدا وعليا وفاطمة والحسن (عليهم السلام) سري عنه همه، وانجلى كربه، وإذا ذكر اسم الحسين (عليه السلام) خنقته العبرة، ووقعت عليه البهرة، فقال ذات يوم: إلهي ما بالي إذا ذكرت أربعة منهم تسليت بأسمائهم من همومي، وإذا ذكرت الحسين تدمع عيني وتثور زفرتي؟ فأنبأه الله تبارك وتعالى عن قصته. (بحار الأنوار: ج 44 ص 223).وفي تفسير الدر المنثور في تفسير قوله تعالى: (فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم) (البقرة:37)، أنه رأى ساق العرش وأسماء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة (عليهم السلام) فلقنه جبرئيل قل: يا حميد بحق محمد، و يا عالي بحق علي، يا فاطر بحق فاطمة، يا محسن بحق الحسن والحسين ومنك الإحسان، فلما ذكر الحسين سالت دموعه وانخشع قلبه وقال: يا أخي جبرئيل في ذكر الخامس ينكسر قلبي وتسيل عبرتي؟ قال جبرئيل: ولدك هذا يصاب تصغر عندها المصائب؟ فقال: يا أخي وما هي؟ قال: يقتل عطشانا غريبا وحيدا فريدا ليس له ناصر ولا معين. (بحار الأنوار: ج 44 ص 245).وقد ورد في صحيح الأخبار عن آل النبي المختار (عليهم السلام) أنه في يوم عاشوراء بكت جميع الخلائق على أبي عبدالله حتى الوحوش في الفلوات والحيتان في البحار، بل بكاه أيضا أهل جهنم من الكافرين، وما ذلك إلا لأن الدمعة صنيعة قضية الحسين صلوات الله وسلامه عليه، وأيا كانت العين الباكية فإن محابس الدموع فيها لا تتمكن من حبسها عندما تذكر قصته الحزينة المؤلمة. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أنا قتيل العبرة قتلت مكروبا وحقيق علي أن لا يأتيني مكروب قط إلا رده الله و أقلبه إلى أهله مسرورا. (كامل الزيارات: ص216).وقال (عليه السلام): أنا قتيل العبرة لا يذكرني مؤمن إلا بكى. (كامل الزيارات: ص 215). ولنعم ما قال الشاعر: تبكيك عيني لا لأجل مثوبة! لكنما عيني لأجلك باكية ولربما لاحظ البعض أن اسم (حسين) هو بحد ذاته ذو إيقاع حزين خاص خلافا لكل الأسماء الأخرى، ولربما لا يجد علماء النفس لذلك سببا منطقيا وجيها، فأن يكون لهذا الاسم إيقاعه الحزين عند الذين يمتلكون الخلفية الثقافية عنه من الشيعة؛ ومن يعرفون قصة استشهاده وسيرته؛ فذلك أمر ليس بعجيب، ولكن العجيب هو تأثر من لم يعرفوا عن سيد الشهداء (عليه السلام) شيئا وإنما لمجرد سماعهم باسمه الشريف. إذ كيف يتأثر من كان كذلك بمجرد إنصاته بهدوء لاسم (حسين) مكررا؟! وكيف يحس بتلك المشاعر الحزينة وقد انتابته ما إن تردد عليه هذه الكلمة؟! إن هذا هو ما لا يمكن تفسيره إلا بالغيب والفطرة الإلهية حيث قضى الله (تعالى) أن يكون اسم الحسين (عليه الصلاة والسلام) مثيرا للحزن واللوعة والدمعة. ولنضرب مثالا لذلك فنقول إن طائر البومة قد ارتبطت صورته في الذاكرة الإنسانية بالحزن دون سبب علمي وجيه إلا أن شكل هذا الطائر أعطى هذا الانطباع، فهكذا هو اسم الحسين، يبعث النفس البشرية إلى أن تحزن وتتألم. فكيف إذا علمنا بأن طائر البومة – كما ورد في الروايات – ظل حزينا حقا منذ مقتل الحسين بن علي عليهما الصلاة والسلام؟! إن كل من يسمع بقضية أبي عبدالله لا يمكنه إلا أن يتأثر وإلا أن تدمع عيناه، حتى وإن كان قلبه من حجر، فإن الحجر نفسه بكى على الحسين دما إذ لم ير حجر في يوم العاشر إلا ووجد أسفله دم عبيط! بل التاريخ يذكر أن السماء بكت دما على الإمام الحسين عليه السلام. وما هذا إلا لأن قضية الحسين (صلوات الله عليه) قضية استثنائية تكوينا وتشريعا، وهنا أمر آخر استثنائي يرتبط بالدم، إنه الدم الذي يتدفق من أجساد الموالين يوم العاشر من محرم كل عام دون أن يصابوا بالأذى! والدم الذي يتدفق من صخرة في الشام وضع عليها رأسه الشريف قبل أربعة عشر قرنا! والدم الذي ينسال من شجرة في قزوين حطت عليها طيور حملت قطرات من دم الحسين الشهيد بأبي هو وأمي! فهل هذه إلا خروقات للقواعد الكونية! وهل هذه إلا تعابير حية عن قضية استثنائية لا مثيل لها ولن يكون لها مثيل إلى يوم الدين! ألا إن الحسين.. ماء الحياة، ودمعة الفؤاد، ودم الثورة!
اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار . اللهم إني أعوذ بك من الفقر ، والقلة والذلة وأعوذ بك من ان أَظلِم أو أُظلَم . يامقلب القلوب ثبت قلبي على دينك.