أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمـــات، بالضغط هنا.كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي جعل الحمد مفتاحا لذكره وخلق الأشياء ناطقة بحمده وشكره والصلاة والسلام على نبيه محمد المشتق اسمه من اسمه المحمود وعلى آله الطاهرين أولي المكارم والجود
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رؤيا فلسفية في علاقة الحسين بالامة توطئة: ما زلت اعجب من كل اولئك الكتاب والاكاديميين والمشايخ الذين لم يدركوا حتى هذه اللحظة قيمة نهضة الامام الحسين عليه السلام باعتبارها نهجا حضاريا مثل على الدوام احد اشكال الحفاظ على القيم الرسالية وترسيخ معاني استمرار الدين الحنيف. فالوقوف بوجه الظلم والاستبداد كان على مسار التاريخ احد المناهج الاصيله في الحفاظ على المثل العليا،
ومن هنا قال الامام علي بن موسى الرضا عليه السلام:
" إن فينا اهل البيت في كل خلف عدولا ينفون عن هذا الدين تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين ". انظر مجمع البحرين 5/52. وانا هنا اجيب بشكل موجز وسريع احدى تلك الرسالئل التي وصلتني من الولايات المتحدة يرجوني مرسلها الاجابة عن بعض التخرصات بحق سيد الشهداء عليه السلام.
إنهيار وعي الامة:
منذ البدء جاءت الرسالة الخاتم لتشكل تحديا عنيفا لوعي المجتمع القبلي، بتخليها عن علاقة الانسان بمجتمعه الضيق (القبيلة) لصالح الامة، ولاعادة منهجة تكريس الولاء الفردي ليكون في صالح العقيدة الرسالية، فالله عزوجل لم يترك الانسان يصارع الوجود وتفاعلات الحياة وحده ولكن سدده ولطف به، فكانت الرسالات منهجا وهدى ورحمة، غير ان الامة وفي مرحلة ليست بعيدة عن تاريخ وفاة الرسول الخاتم قد اصيبت بانتكاس في الوعي الجمعي لتخلي قياداتها عن المنهج الرسالي وابتعادها عن الخط الالهي مما شكل انتكاسا سمح للوعي السلبي بالظهور مرة ثانيا منطلقا من الرؤيا الجاهلية في التفكير والتي لم تغادر عقول معظم الافراد إلا ما ندر. فالشرك في العصر الجاهلي عبر عن فوضى العقل، في حين جاءت الرسلة السماوية لتعيدي ترتيب مناهج الوعي عبر الايمان بالله الواحد، ومن هنا كان العقل احد اهم مصادر التشريع بعد الكتاب والسنة المطهرة، كما انه الدليل الى الله عزوجل. إن انهيار الوعي إنما هو في الواقع انهيار ترتيب العلاقات بين الانسان والخالق، فالشرك والمثل السلبية تؤدي الى فوضة عارمة بينما قامت عمليات الاصلاح واهمها الرسالات لتجاوز هذه الازمة ولتحرير العقل من الجمود.
الحسين (ع) ومنظومة استعادة الوعي:
يمكن القول بكل بساطة ان نهضة الامام الحسن (ع) انما هو فعل اسلامي ايجابي تجاه سلبية الوعي والانحراف، فسلوك الامام الحسين وشعاره في نهضته وكل ذلك الكم من الخطب والتوجيهات انما يمثل سلوكا ينطلق من روح الاسلام، ولكن الاشكالية تكمن ان الباحثين والاكاديميين يحاولون معايرة نهضة الامام الحسين من منظور الدراسات التاريخية والاجتماعية وفق المعايير الغربية، ولهذا فنحن نحتاج لمعايير اسلامية خالصة يمكن لنا من خلالها احاطة سلوك الائمة بشكل يقترب من المنهج الالهي، وعندها سنكتشف كيف ان الامام الحسين عليه السلام قد تجاوز بنهضته معايير العصر. منذ البد ربط الله عزوجل حركة التاريخ الاسلامي بالامة وليس بالقومية او المنظومة القبلية ومن هنا فقد قال عزوجل: " كنتم خير امة اخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون ". آل عمران/110.
فالله عزوجل يحدد هنا مفهوم الامة قبال بقية الناس، فالمعايير التي قدمتها العقيدة الاسلامية للامة هي معايير الهية تنطلق من علاقة التعبد الى الله (الجدل الصاعد) باعتبارها علاقة من الانسان باتجاه الخالق، ومن هنا يصبح الحفاظ على اتجاه العلاقة قضية من صلب مهام الحركة الاصلاحية (رسالة او نهضة ذات اصل رسالي).
كان الامام الحسين ينظر للامة باعتبارها جسدا تم طعنه وانهاكه من خلال سلبيات المناهج الوضعية، وهو (أي الامام الحسين عليه السلام) كالجراح اراد ايجاد الدواء الشافي بكل السبل المتاحة من نصح وايضاح وتبيان، حتى وجد انه لم يعد من سبيل غير (الكي) باعتباره آخر السبل، فكانت نهضته وتقديمة لنفسه وخيرة شباب أهل البيت وخيرة مشايخ وشباب عصرة لتكون دمائهم علاجا لأسقام الامة، واستنهاضا لوعيها، وإخراجا للعقل الجمعي من السكون والجمود الى الفعل.
لقد جسدت نهضة الحسين (ع) العلاقة بين الرسالة وصيرورة تاريخ الامة، كما ان الامام الحسين قد مثل ارادة الامة في النهوض، فتصدي مجموعة من الافراد للظلم والقهر استنادا لمعايير الهية يعني تحول جذري في البناء الاجتماعي والانساني من السلبي الى الايجابي، فكيف اذا كانت هذه المجموعة بقيادة شخصية مثل الامام الحسين بن علي سبط الرسول الخاتم (ص)؟ فالتضحية تتناسب طرديا وحجم الانحراف كما ذكرنا في بحوث سابقة، فكلما كان الانحراف شديدا كلما وجب ان تكون التضحية اعلى مقاما واشد ايقاعا في نفسية الامة وضميرها واشد تاثيرا في حركة التاريخ. فعندما ظهرت الرسالة السماوية الخاتم، كان المجتمع القبلي في الجزيرة العربية في اشد حالات الانحطاط الفكري وكانت الانسانية جمعاء تعاني من الظلم والقهر في مختلف الاتجاهات، مما اوجب فكرة ظهور حركة اصلاحية سماوية فكانت الرسالة الخاتم تلك النهضة ذات البعد الالهي، ونفس الشيء يمكن قوله في نهضة الامام الحسين (ع) بعد ان تم سلخ الامة عن الواقع الرسالي والانحراف بها بعيدا عن كونها تمثل امة الرسالة الخاتم.
الامة بعد الحسين (ع):
أرادت الامة الاسلامية في استذكارها لاحياة شهادة الامام الحسين واهل بيته وانصاره ان تستعيد القيم الايجابية التي دعت اليها تلك النهضة الانسانية، فالطبيعة البشرية والنفس الانسانية تحتفل بالخير وتنصاع لمعاني القيم العليا في تصديها للظلم، واذا اختلفت اساليب التعبير من الكتابة الى الخطابة الى الشعر الى محاولة تجسيد الحدث عبر التمثيل والتماهي مع معانيه، كل تلك الاساليب انما هي نتاج لوعي الامة بقيمة هذا الحدث وحجم النتائج المترتبة عليه.
إن الانتماء للامة هو انتماء لقيمها الرسالية التي نادى بها الامام الحسين ودافع عنها حد الشهادة، فاستمرار الامة الاسلامية في صيرورتها عبر التاريخ يمثل احد اشكال حفظ الرسالة، وما كان هذا الاستمرار ان يتم لولا قيام حركة الحسين (ع) الاصلاحية. من هنا يتضح ان محاولات البعض في سلخ الامة عن تاريخها الرسالي انما يمثل دعوة مباشرة لعودة الفكر الجاهلي بكل اشكاله، وما حدث عبر العصور من محاولات لابعاد عقل الامة عن نهضة الامام الحسين (ع) كان يسير باتجاه شل الوعي الجمعي عن حقيقة وجوب ظهور حركات الاصلاح، وهذا ما شاهادناه عبر حركة التاريخ منذ وفاة الرسول الخاتم (ص)، وبعد ذلك في العصور الاموية والعباسية من محاولات لتخلي الوعي عن مفهوم القيادة النهضوية، فتم محاربة كل الحركات الاصلاحية مثل (ثورة التوابين، وثورة زيد بن علي بن الحسين وثورة الحسين بن علي الخير في واقعة فخ) وغيرها من النهضات الانسانية الداعية لاصلاح واقع الامة المنحرف. ان يقين الامة بضرورة الحاجة الى الاحتفاظ بحجم ومساحة الوعي الذي اثارته نهضة الامام الحسين (ع) إنما جاء لاستعادة الرؤية الحسينية للحدث، فنكوص ضمير الامة سيعني التخلي عن تاريخها ونهضتها، فالحسين كان ولا يزال مشروعا حضاريا للخروج من ضحالة الانتماء السلبي الى ايجابية الرؤيا المستقبلية، وعلى الامة ان تعي قيمة هذه النهضة عبر استذكار صاحبها ووقائعها بشكل مستمر وبمختلف الاساليب. موفقين لكل عمل صالح أن شاء الله تعالى أسالكم الدعاء تحيااااتي
اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار . اللهم إني أعوذ بك من الفقر ، والقلة والذلة وأعوذ بك من ان أَظلِم أو أُظلَم . يامقلب القلوب ثبت قلبي على دينك.