أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمـــات، بالضغط هنا.كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
لم تعرف لأهل البيت عليهم السلام طفولة، إذ نزههم الله تعالى من الجهل، حتى أدركوا ما كان يجري من وقائع وأحداث وأحاديث. فعايش الإمام أبو عبدالله الحسين عليه السلام تاريخ الرسالة الإسلامية، واستنشق عبير الوحي، ونشأ في بيت النبوة ومهبط التنزيل ومختلف ملائكة الرحمن.. وكانت أذنه ـ كاذن أبيه ـ واعية، فوعى ما حدث، وعانى ما رأى وسمع. بعد تلك الحروب المريرة يتوفى حبيبه وجده رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فتعظم المصيبة بفقده أولا وانقطاع الوحي ثانيا. ثم تكون الحوادث متتابعة تنطوي على الفتن والابتلاءات الشديدة. وتحل الفاجعة الكبرى بشهادة أمه الصديقة فاطمة الزهراء عليها السلام، وقبلها ابنها السقط الذي سماه النبي صلى الله عليه وآله من قبل بـ «المحسن» سلام الله عليه. ويكون الإمام علي عليه السلام بعد أن بويع في غدير خم بإمرة المؤمنين وأنه وصي رسول رب العالمين.. جليس الدار، فيلازمه ولده الحسين صلوات الله عليهما لا يبارحه هو وأخوه الحسن الزكي عليهما السلام. هكذا.. وبعد ربع قرن تعاد الخلافة الظاهرية إلى الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، وعيناه وعضداه الحسن والحسين سلام الله عليهما.. فيشتركان مع أبيهما في حروبه الثلاث ضد الناكثين والقاسطين والمارقين: الجمل وصفين والنهروان. إلى أن كانت الفاجعة الكبرى بشهادة ولي الله الأعظم في محرابه، فيتجدد الحزن العميق في قلب الإمام الحسين عليه السلام، وتمر عليه سنوات مريرة، وهو يلازم أخاه الإمام الحسن عليه السلام مقدما له كل أدب واحترام وطاعة.. ويعيش معه تلك الوقائع المؤلمة، حيث يكون من القوم الخيانة والتمرد وأثرة الدنيا وطلب الراحة، ثم المخالفة والملامة على الإمام، والانكفاء على الوجوه هربا من فرض الولاية لأهل البيت عليهم السلام. إلى أن كانت الفاجعة الاخرى بسقي الإمام الحسن المجتبى عليه السلام ذلك السم الذي قذف معه كبده المقدس وأحشاءه الشريفة، ليكون بعد أيام محمولا في نعشه لا يجاز له أن يزار به جده لتجديد العهد معه في قبره الشريف. ويطول من الإمام الحسين عليه السلام حزنه، وهو يرى أهل بيته يغادرونه شهداء مظلومين، والناس في اختبار عصيب لم يثبت منهم أمام عواصف الترغيب والترهيب إلا ثلة قليلة، ورياح الفتن السوداء أعمت الكثير من القلوب والعيون، فلم تعد تطلب الحقيقة. ثم الأمر والأخطر أن يأخذ المضلون بتحريف معالم الإسلام وتشويه عقائده وشرائعه الحقة، فضلا عن إغواء الناس وجرهم إلى مواقع الفساد والرذيلة. فيبلغ الإمام الحسين عليه السلام تكليفه الإلهي الحق، فيرى أن هذا الدين الذي بذل النبي وأهل بيته صلوات الله عليهم مهجهم المقدسة دونه لا يحمى إلا بدمه الزاكي، ولا يبعث إلا بالتضحيات الكبيرة. فنهض عليه السلام بنفسه أولا، وبأهل بيته وأعزته وأفلاذ كبده ثانيا، وبالأوفياء الخلص الأخيار من أصحابه ثالثا.. وأعد الركب الشريف في السفر إلى الله تعالى، إلى ملحمة العشق الإلهي والعروج المبارك في ساحة كربلاء. وقد بعث إلى الكوفة قبل ذلك سفيره وثقته ابن عمه مسلم بن عقيل رضوان الله عليه، فغدر به وقتل على يد الظالم عبيدالله بن زياد قتلة منكرة.. فبكى له الحسين عليه السلام بدموع عزيزة وغزيرة. ولكن القافلة الحسينية الشريفة، وفيها حرم وحرمات رسول الله صلى الله عليه وآله.. سارت، وقد ضمت إليها الجلال السامي زينب العقيلة بنت أمير المؤمنين عليه السلام، لتروي قصة الطف قولا صادعا وعملا واقعا. بل كان في القافلة الحسينية المباركة مع سيد الشهداء وسيد شباب أهل الجنة إمامان وريثان له: الإمام علي بن الحسين، وابنه الإمام محمد الباقر ـ وكان عمره يوم ذاك بين الثالثة والرابعة ـ صلوات الله عليهم. وكانت الواقعة الرهيبة المهيبة في عاشر المحرم الحرام، سنة إحدى وستين من الهجرة النبوية، ما يعجز الوصف والبيان عن تصويرها، وتجف الأقلام والألسن عن تفصيلها، وترتهب لها قلوب العارفين وأهل المعنى والموالين والمحبين، إذ تجزع وتفقد صبرها عن سماع النزر مما وقع.. وما أدرانا ما وقع! لقد تغيرت العوالم، وهبطت ملائكة الحزن والبكاء، وكان ما لا ينتهي التفجع عليه إذ أصبح ثارا لله الجبار! ويكفي أن يشار إلى ما حدث إشارات.. حيث لا تهنأ بعد ذلك روح، ولا ترقأ دمعة. ثم بعد تقطيع الأجساد الزكية الطاهرة الشريفة.. لا يكون دفن، إلى ثلاثة أيام، أبدان مجزرة في عراء الأرض غيرتها حرارة الشمس.. لا تعرف إذ فصلت عنها الرؤوس الكريمة. حتى يقبل الإمام السجاد علي بن الحسين عليه السلام، ليدفن الأجساد الشريفة في مشهد ملؤه الأسى.. وذلك في الثالث عشر من المحرم الحرام سنة 61 هجرية. ولا تنتهي فاجعة كربلاء حتى تكون بعدها قصة السبي والأسر وحرق الخيام ونهب الركب الحسيني، وأحداث متتابعة ينظر إليها المرء مدهوشا مذهولا لا يدري ماذا يقول ؟! ويحيا الحسين صلوات الله عليه علما شامخا، ورمزا ومظهرا لكل خير وفضيلة وشرف وعلى وكرامة.. ويقتل قتلته ويرمى بهم في مستنقعات الخزي الأبدي والعار الدائمي، وينقلون إلى حفر النيران ينتظرون مصيرا لا يوصف عذابه! ويتجلى للإمام الحسين عليه السلام قبر شيد من الإباء، وقبة ترتقي على قواعد العز، ومشهد وروضة وحريم للزائرين من أقطار الدنيا جميعا، يؤدون هنالك حج القلوب والأرواح، ويسكبون عند الضريح القدسي عبرات الحزن والعزاء، ودموع الشوق والولاء، ويجددون معه ميثاق الوفاء. ولا يمر محرم.. إلا وللإمام الحسين عليه السلام مآتم في كل بلد وبلدة، وفي كل أرجاء العالم وأطرافه. بل لا يمر يوم إلا وذكر سيد الشهداء عليه السلام يصدع بالحق، ويروي قصة الشهادة وملحمة العشق الإلهي.
اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار . اللهم إني أعوذ بك من الفقر ، والقلة والذلة وأعوذ بك من ان أَظلِم أو أُظلَم . يامقلب القلوب ثبت قلبي على دينك.